زواج الفتاة التي لم تبلغ بعد سن الثامنة عشر.
زواج القاصر هو حلال 100%، لكنه حلال من ناحية بيولوجية، أما من الناحية الاجتماعية، فلا يكفي شرعية عقد الزواج، فالسن المناسبة للزواج في السابق ليست بذات السن المناسبة في عصرنا، ولكي أوضح لكم قصدي، في السابق كان فتى بعمر الستة عشر، قادر على قيادة الجيوش والأساطيل وخوض غمار الحروب وتحقيق نجاحات ومكاسب سياسية عديدة. أعتقد أنه ما من داعي لأن أشرح لكم ماذا بامكان فتى الستة عشر في عصرنا القيام به.
السن المناسبة للزواج ليست نظرية مؤامرة وليست أسطورة، هي حقيقة تزداد بزيادة تقدم المجتمع وخصوصاً انتهاء عملية التأهيل للدخول في الحياة العملية، وغالباً تنتهي عملية التعليم العالي في سنة الرابعة والعشرين والأساسي في سن الثامنة عشر.
صعقت عند سماعي أن جارتنا قررت خطبة ابنتها لفتى يكبرها بعشرِ سنوات، تفهمت الموضوع قليلاً، بانه ربما يكون أمر جيد لها، فالاستقرار العاطفي ممكن أن يكون لها حافزاً لانهاء دراستها حتى تتمكن من الزواج، لكن المصيبة عندما علمت أن الخطبة وكتب الكتيب “عقد القران=الزواج” في نفس اليوم، يعني لم يكن هناك أي تمهيد للزواج، وعند استفهامي لما هذا التسرع الشديد، كان الرد السخيف الساذج، أن الشاب من أجل الحلال والحرام، سوف يدخل إلى منزلها ويرغب بمشاهدتها سافرة الوجه، فالأجدى كتب الكتيب وهكذا يكون كلو حلال بحلال.
طيب ما حكينا شي، لكن ألم يوضح المُشرّع الديني أنه من الضروري وجود فترة تمهيدية للزواج وحسب قانون المشرّع، يحق له مشاهدة الوجه والكفين في هذه المرحلة، ألا تستطيع يا أخي الاكتفاء بهذا فترة شهرين على الأقل، لك شهر، يعني معلش كرمالي، اقبل بوجود والدتها كمان معك، مش مشكلة كبيرة، وامسك نفسك عن رؤيتها سافرة الوجة، اكتفي باستطلاع ملامح شخصيتها وميولها لتقرر إذا كانت هي من تناسبك أم لا، هذا انطلاقاً من أن العائلة تريد الالتزام بأقصى قوانين الدين، وإن كان الواقع في سورية أقل تشدد من ذلك بكثير.
ما أقصده من ما سبق ضرورة وجود فترة تمهيدية قبل الزواج. ما علينا، من أجل الحلال والحرام، تزوجت الفتاة القاصر ويبدو أنها سعيدة للغاية، ولما لا تكون، أتذكر أنني في عمرها كنت أتمنى الزواج لغاية في نفسي
، لكن بنظرتي الساذجة للأمور أعتقد أنّ العائلتين تمكنتا من الضحك على أنفسهم، والقفز على القوانين والتشريعات، يعني في النهاية تمكن من رؤيتها سافرة الوجه، كما يحق له الآن رؤية أكثر من ذلك بكثير وهذا بعد أسبوع أو شهر من اللقاء، حتى الأوروبيين أنفسهم لم يصلوا بعد لهذه المرحلة من التطور.
ما حكينا شي، الله يهنيها ويوفقها يا رب، لما لا والآن أصبحت اهتمامتها من اهتمامات آنساتها ومعلماتها، أما أقرانها من ذات العمر، ربما تحولوا لتلامذة لها.
أفكر بالموضوع وأقول ماذا لو؟، هذا السؤال الخطير، ماذا لو فشلت الخطبة/الزواج، هي مخطوبة اجتماعياً، متزوجة قانونياً، لكنها ستكون مطلقة في الحالتين لأنها متزوجة قانونياً، وأنتم أدرى ما معنى مطلقة، ولو أخذنا أي مدة، سواء سنة أو سنتين، أو حتى ثلاث فمن الغير مقبول وجود فتاة مطلقة في هذا العمر لدى المجتمع كما ستتشكل نظرات مريبة تجاهها، هذا إن لم يحطمها الانفصال ويسحق مستقبلها تماماً.
ومن هنا أعتقد أنها وحتى ولو فكرت بالانفصال لن تقدم عليه خوفاً من النتائج مما يعني زواج مبني على الغصب والاكراه لا مجال فيه للطلاق أبداً، يعني الموضوع مقامرة، فاحتمال النجاح والفشل حسب القوانين هو 50/50، على أيّة حال أتمنى للعروسين الـ 50 الجيدة.
طب أنا شو همني، طز يا عمي، ان فرحوا إلا زعلوا أنا شو صايبني، على كلٍّ، امساكي لبطاقة العرس/الخطبة زاد الطين بلّة، جعلتني أشعر بالقرف، حيث لم تتجرأ عائلتها على ذكر اسمها، فهي نكرة، فاكتفت بذكر كلمة “كريمتها”.
وفقاً للأعراف والتقاليد فهو عيب.
أين العيب؟، هل هو من ناحيتنا أم من ناحيتهم، أقصد، هل هو عيب أن يذكر الشخص اسم ابنته، من لحمه ودمه، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، هل من العيب أن نعلم من نرسل لهم البطاقة باسم الفتاة التي يعلمون اسمها مسبقاً ؟!!!، يعني ما هو مصدر العيب؟، شيء يدعو للجنون، تقاليد حقيرة غبية تذلل الفتاة وتعلمها أنها انسانة لا وجود لها منذ نعومة أظافرها.
يا جماعة، إلى متى نستمر في استجحاش أنفسنا، إلى متى نقفز فوق القوانين التي ندعي تمسكنا بها، يعني إما أن تتمسك بها، أو لا تتمسك بها، أمّا أن تتمسك بها وتقفز فوقها، فهذا الاستجحاش بعينه !!.
لن أقول زواج القاصر حرام، لكنه مؤذي، ومؤذي للغاية لكلا الطرفين، إن لم يكن مدمر، وحتى إن استمر العقد ولم يفشل، فهو يعتبر قفزة فوق مرحلة عمرية هامة جداً وضرورية لكل فتاة وشاب، منذ الآن أتخيل نوعية الأولاد ومستقبلهم.